لا يزال البريطانيون يعتبرون اسبانيا وجهتهم المفضلة “حلم الإقامة” ، على الرغم من تأثيرات خطة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتعقيدات التي يفرضها على المقيمين البريطانيين في اسبانيا، وعددهم كمقيمين مسجلين يزيد عن 400 ألف شخص.
ووفقا لدراسة أعدتها إحدى شركات النقل الأوربية الكبرى،آني فان، فإن البريطانيين لا زالوا ينظرون اتجاه اسبانيا باعتبارها “أرض الحلم”، حين يأت الأمر للتفكير بتقاعد مبكر، أو حياة رائقة دون ضغوط البلدان الصناعية التقليدية، أو حتى بطقس مشمس تتميز به البلاد تقريبا بكامل جغرافيتها.
وجاءت اسبانيا في المرتبة الأولى في وجهات السفر لدى البريطانيين، بنسبة 13٪ يضعونها سباقة على جهات سفر سياحي أو استقرار أخرى، ومن بينها استراليا وفرنسا وكندا.
ووفقا للدراسة فإن استراليا جاءت بالمرتبة الثانية بالنسبة للبريطانيين، تلتها نيوزلندا، ومن ثم الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، ثم كل من إيطاليا وفرنسا.
ويلعب العمر عاملا أساسيا في اختيار المشاركين لوجهاتهم، وذلك بين 2000 بريطاني وزعت عليهم استمارة البحث، في شهر أيلول من هذا العام.
ويفضل الشباب، الذين بدؤا للتوا حياتهم المهنية، الولايات المتحدة على دول أخرى، لكن اسبانيا تأت ثالثا ضمن خياراتهم المفضلة، تماما بعد أستراليا.
ويعود السبب، لاختيار كثر مجال التطوير المهني، المتزامن مع حياة أقل تطلبا وضغطا، وهو ما زالت تشتهر به اسبانيا، من حيث موازنة حياة العمل مع الحياة الأسرية والاجتماعية، وجانب غير ضئيل من الرفاهية. واللافت أيضا بما أن الحديث تضمن بحث خيارات إقامة العمل، أن كثرا اختاروا إمارة دبي، كخيار مفضل، نحو بدء حياة مهنية وتأسيس رصيد مالي جيد
. لكن تبقى اسبانيا هي الوجهة الأكثر تفضيلا للبريطانيين، وفقا لأرقام حكومتي البلدين، إذ يشكل البريطانيون أعلى رقم لوجود بريطاني في دولة أجنبية بالنسبة لغير المولودين. وبدأت هجرة البريطانيين الطوعية نحو اسبانيا في حوالي العام 1990، مع انتشار صور الشواطئ الاسبانية في العالم، والذي ترافق مع انفتاح ونهضة سياحية غير مسبوقة في تاريخ البلاد، وشجع على ذلك بالطبع الإغراءات العقارية، حين كانت أسعار الأراضي ولا سيما في المناطق الساحلية منخفضة جدا بالمقارنة مع المملكة المتحدة، كما كان الجنيه البريطاني، متفوقا بشكل كبير على العملة المحلية سابقا وهي البيزيتا ، ولاحقا العملة الأوربية الموحدة.
واستقر أغلبية المهاجرين البريطانيين، في مدن وبلدات ساحلية طبعا، ولا سيما في فالنسيا، وكاتلونيا، وجزر الكاناري، فيما فضل قسم كبير أيضا مناطق الجنوب كما في الأندلس.
لكن هذا التوجه بات عرضة للتغيير، مما جعل الدراسة السابقة تركز على الوجهة المفضلة أكثر منها الممكنة.
وذلك أن تأثير قرار لندن الخروج من الاتحاد الأوربي بعد استفتاء حزيران العام 2006 الشهير، والذي فاز فيه وإن بأغلبية هشة، الراغبين بأن تدير لندن ظهرها لبقية العواصم الأوروبية.
الأمر الذي دفع بآلاف البريطانيين لإعادة التفكير في خيار البقاء من عدمه في اسبانيا، كما في دول أوروبية أخرى.
ووفقا لوسائل إعلام بريطانية واسبانية فإن أعداد من عادوا بشكل نهائي لمدنهم وقراهم في المملكة المتحدة يقدر بالآلاف، وذلك تحسبا للتعقيدات التي سيفرضها بدء تطبيق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي.
وغادر وفقا لصحيفة الباييس في العام 2017 وحده 5000 آلاف مقيم بريطاني من جزيرة إيبزا وحدها. بل إن رقم المقيمين انخفض بكل اسبانيا من ما يقارب 400 ألف إلى 240 ألف، بعد الاستفتاء الشهير. ويعود التعقيد الأساسي الذي خلفه القرار باالانسحاب البريطاني، إلى تراجع الجنيه البريطاني أمام اليورو، كرد فعل على سياسة الانسحاب، وهو ما رتب ضغوطا اقتصادية كبرى على مجموعة كبيرة من المتقاعدين المقيمين هنا، أو ممن لديهم أعمال جارية في المملكة، تساهم في معيشتهم المرفهة في اسبانيا.
وزاد من تعقيدات الحياة اليومية، الحديث عن الاعداد لتغيير سلسلة من القوانين، ستضع البريطاني موضع معاملة بالمثل مع نظيره الأوروبي المقيم في بريطانيا، بعد الانفصال، وهو ما يعني تجريده من مجموعة كبيرة من الامتيازات الصحية والاجتماعية والاقتصادية.
وفضل كثر العودة على انتظار الاتفاق النهائي الذي سيمهد لعملية الانفصال بأقل الخسائر الممكنة، ولكن دون تجاهل أن احتمال عدم التوصل لاتفاق لا زال قائما هو الآخر، وهو ما يمكن أن يزيد من تعقيدات حياة هذه الفئة من المقيمين بشكل كبير.